بركة العلوم
قال الشيخ صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي
- وفقه الله وسدد خطاه -
( إن من بركة العلوم عامة والعلوم الآلية خاصة = العناية بالأمثلة الواردة في خطاب الشرع؛
فينبغي أن يجتهد من يتصدى لتعليم الناس ذلك، أن يعلمهم ببيان الأمثلة القرآنية والنبوية خاصة؛
لينتفع الناس مما يسمعونه من كلام الله وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - أما تقضية الزمن بأمثلة يحدثها الإنسان قد تكون جوفاء قليلة النفع والعلم لا يراد به مجرد الظاهر،
العلم يراد به أن ينتفع المرء بكل ما يسمع،
والإنسان إذا صار يسمع في مجلس النحو آيات وأحاديث كثيرة هذا أنفع له من أن يسمع غيرها؛
لما في هذه الكلمات من بركة كونها خطاباً شرعياً،
والإنسان إذا ألِف الخطاب الشرعي صار له نورٌ به فيهتدي به إلى الحق، وإذا بعُد عن الخطاب الشرعي فإنه يبعّده ذلك عن الحق،
ومن هنا كرهوا النظر في كتب الباطل؛
لأنها تبعّد الإنسان عن الحق،
قال بعض السلف : (من أكثر النظر في الباطل ذهب نور الحق من قلبه) وهذا مقام ليس سهلا !
نحن الآن ابتلينا بهذه التلفزة التي يجدها الإنسان في كل مكان وفيها صور يجوز النظر إليها وفيها صور لا يجوز النظر إليها،
وفي زماننا هذا رجل لم ينظر قط إلى تلفاز مع أنه يسكن فنادق ويسافر لكنه ما نظر عمره كله إلى تلفاز !!
وهذه مرتبة من يعرف حفظ قلبه أنه لا يعرض عليه شيء من هذه الأشياء ليبقى له إيمانه،
وإذا بقي هذا المعنى في جوف الإنسان قويت له معرفته بالحق،
ومن أطلق العنان لنظره شُغل بما ينظر،
ولذلك فإن أحد الفقهاء من الشافعية يقال له ابن الرفعة وصفه ابن تيمية الحفيد بأنه كانت تتقاطر فروع الفقه من لحيته – يعني لتمكنه من الفقه – لما بنيت القاهرة ودُعي الناس إلى دخولها والنظر فيها أفتى بحرمة ذلك؛ لأنه من مد البصر إلى زينة الحياة الدنيا – يعني تتعلق القلوب بها - هو ليس نظراً مجردا ينظر الإنسان في الدنيا لكن يرى أن هذا من مد البصر الذي يتضمن التعلق بالدنيا وهذا منهي عنه؛
لأن النظر في الدنيا مأذون به ما لم يؤدي إلى أن تُجعل حاكمةً على الإنسان، فيجعل أكثر شغله فيها فوقاية للناس من هذا أفتى بحرمة ذلك،
وفي المعاصرين من أهل العلم من علماء قطرنا وهو الشيخ صالح بن عبد الله بن فريج - مد الله في عمره - وقد قارب المائة،
لما دخل الرياض أراه بعض أبناءه بناءً مشيداً معروفاً في الرياض من هذه العمائر الطويلة،
وقال له : هذه هي التي يذكرونها الناس فوضع عمامته بينه وبينها !
فلذلك ينبغي أن يعتني الإنسان بكثرة النظر في الحق حتى في العلوم الآلية؛
لأن اشتمال هذه العلوم على ما ليس حقا يذهب الحق من القلب يضعفه وإذا كانت باطلاً يذهب بالحق كله).
مفرغ من كلام
الشيخ د. صالح بن عبدالله العصيمي
- وفقه الله وسدد خطاه - من
[ برنامج مهمات العلم - شرح الآجرامية - سنة 1434 ]
0 komentar:
Posting Komentar